الأمم المتحدة: من عليه الاهتمام بقضية الرجم
يشهد اليوم إطلاق حملة عالمية جديدة لوقف الرجم. وتقوم روشيل تيرمان بتناول التاريخ المتعلق بهذة الممارسة الجندرية للعنف ضد المرأة. وفى حالة الرجم، وكما هى الحال مع كل أشكال العنف المبرر ثقافيا ضد المرأة، يكون من الصعب معرفة متى تنتهى الثقافة المجتمعية وتبدأ السياسية. >ونحن فى العام 2013، مازال النساء والرجال يتعرضون للرجم حتى الموت. ويعتبر الرجم طريقة بشعة للتعذيب،أدانها المجتمع الدولي ورفضتها الشعوب المحبة للسلام والعدالة فى جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من ذلك فعندما أطلقت شبكة "النساء فى ظل قوانين المسلمين" أول حملة ضد الرجم على مستوى دولي، شكك العديدون فى مدى مواءمة تلك الحملة لسياقاتهم الخاصة.
ومما يبعث على الأسى كما هو الحال مع الرجم، ما المبرر لكل هذا الوقت والموارد والطاقة المبذولة للقضاء على الرجم؟ ولما لا نركز تلك الطاقات على مواضيع تهم عدد أكبر من البشر كالفقر والعسكرة والحروب والمجاعات؟ لما يجب علينا الاهتمام بالرجم؟ من المهم ان نرى أن الرجم ليس مجرد أمر "حساس". فى الحقيقة الرجم يشكل نموذجا مصغرا للعديد من القضايا التي أحاطت بالعنف ضد النساء باسم الثقافة، والدين والعادات. قضية الرجم تذهب إلى أبعد من مجرد هوس وسائل الإعلام برعب مخيف على حساب تغطيةأشكال غادرة من الظلم.
إن الرجم يمثل قضية يجب علينا جميعا أن نهتم بها، فهي تمثل ما يحدث دائما عندما يتم التضحية بحقوق المرأة على مذبح تفسيرات مسيسة وأبوية للثقافة، والدين والعادات. وبالتالى فإن الرجم قضية هامة لكل المجتمعات التى تناضل ضد التمييز، والعنف والتحكم فى جنسانيات وأجساد النساء. إن ملاحظة مدى عمق تورط النوع الاجتماعي(الجندر) فى ممارسة الرجم أمر حاسم. وعلى الرغم من أن الرجم يمارس فى 14 دولة مختلفة وأينما يحدث، يكون عادة محددا بتفسيرات متشابهة للفقه الإسلامي. ويمكن أن تمثل إيران حالة دراسة هنا. إن القانون الذى ينص على الرجم فى قانون العقوبات الإسلامى لإيران قد لايكون من الناحية الفنية منحازا من منظور النوع الاجتماعى، بمعنى أنه يعاقب بالرجم كل من وجد مذنبا بارتكاب جريمة الزنا بغض النظر عن كونه ذكرا أم أنثى.
ولكن فى الواقع تكون النساء هن الأكثر عرضة لخطر الرجم ويرجع ذلك الى كونهن الأكثر عرضة وبدرجة كبيرة للاتهام بتهمة الزنا. ويرجع ذلك الى التمييز المؤسسي والممنهج على أساس النوع الاجتماعى تقريبا فى كل مناحي الحياة.ي، وتحديدا ما يخص قانون الأسرة، يمنح الرجال امتيازات عن النساء فيما يتعلق بكل من سن الرشد، والطلاق، وتعدد الزوجات، والزواج المؤقت أو زواج المتعة، وحضانة الأطفال، والحقوق الجنسية. خلاصة القول: إذا كان الرجل غير مرض جنسيا او فى علاقة غير سعيدة، يكون لدية أكثر من طريق قانونية مفتوحة أمامه لإنهاء الزواج او اشباع احتياجاته الجنسية فى علاقة أخرى. فى ذات الوقت، فإن المرأة تملك خيارات قانونية أقل وربما قد تضطر الى الانخراط فى علاقات جنسية خارج إطار الزواج بسبب تلك القوانين التمييزية والتي تحد من حالتها وحقوقها الجنسية. وفي الواقع ، عندما بدأت الناشطات الإيرانيات حملتهم الأولى ضد قانون الرجم، اكتشفوا أن الرجم فتح مجالا أكبر للحديث عن التمييز على أساس النوع الاجتماعى والحقوق الجنسية.
علاوة على ذلك، يمكن القول أن بعضالممارسات التي يقال عنها أنها ثقافية هى فى الغالب ليست ممارسات كذلك وإنما هي ممارسات سياسية. وهناك حجج كثيرة يمكنها أن تضحد تلك الممارسات من داخل الثقافة ذاتها أو الدين نفسه. إن الزنا يعتبر جريمة سياسية فى إيران، كذلك الحال فى أغلب البلدان التى تطبق حد الرجم. ومثالا على ذلك: إن عقوبة الزنا عادة ما تكون أشد من عقوبة القتل. حتى لو غفر أحد الزوجين للآخر، ويظل فعل الزنا جريمة فى حق الدولة. ويرجع ذلك إلى كون النظام الإيرانى مثل العديد من المجموعات الدينية الأصولية، تبنى هويتها على أجساد النساء. ويعتمد تفسيرا للإسلام مبنى على أساس الهيمنة – والذي أنكر حق الجماهير فى المشاركة في إقراره- ذلك الذي يحدد حدودة الأيديولوجية من خلال الأسرة وعن طريق التحكم فى جنسانية النساء.الحكومة الإيرانية تحب الحديث عن الأصالة الثقافية وكيف أن الرجم مبرر فى قوانينها وثقفاتها. ويجب علينا ألا ننخدع. أبدا لم يتم ممارسة الرجم فى إيران قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979 والحكومة كانت ترفض حتى وقت قريب جدا وجود عقوبة الرجم لمعرفتهم أن الرأي العام الإيرانى لم يكن ليدعم ذلك. لم يتم أبدا طرح قضية الرجم للاستفتاء العام فى إيران وتوجد أيضا سياسة رقابية صارمة على هذه القضية فى قنوات الإعلام المختلفة.
عندما نسمع أننا يجب أن نتقبل العنف ضد المرأة لأننا يجب أن نحترم ثقافة الأفراد المختلفة، حينها يجب أن نسأل أنفسنا: كيف يمكن أن تكون ممارسة ما جزءا لا يتجزأ من الثقافة عندما تخرس الحكومة أى نقاشا حول تلك الممارسة؟ عندما تقوم بإلقاء الصحفيين فى السجن لنشرهم حول تلك الممارسة؟ عندما تهاجم السلطات الدينية من يتساءلون عن مدى صحة تلك الممارسة؟ مرة أخرى فالرجم مثله فى ذلك مثل كل أنواع العنف ضد المرأة المبررة ثقافيا، يصعب جدا تحديد مدى تنتهى الثقافة وتبدأ السياسة.
وفى أحيان كثيرة، توجد حجج قوية من داخل تلك الثقافة وذلك الدين تضحد تلك الممارسات. يتم تبرير الرجم باسم الإسلام ولكن فى الحقيقة الرجم لم يتم ذكره فى القرآن أبدا، والعديد من علماء الدين قد صرحوا بأن الرجم غير مبرر شرعا فى العالم اليوم.وعندما يزعم المدافعون عن الرجم امتلاكهم تفسيرا أصيلا للثقافة، والعادات أو \ و الدين، فهم بذلك لا يطلبون فقط من النساء أن يقبلن العنف ضدهن، بل يحرمونهن أي إمكانية فى أن يكن مشاركات فعالات ومتساويات فى تطوير و إنتاج الثقافة.
فى الواقع، نحن لسنا بحاجة لرفض ثقافتنا أو ديننا العزيز فقط لأن تلك الثقافة أو هذا الدين تم إساءة تفسيرهم لتشجيع العنف. فنحن لدينا كامل الحق والرخصة لكي نشكل ونشارك فى تفسير ثقافتنا وديننا.
وأخيرا، علينا جميعا أن نتذكر أنه حتى وتحت ظروف قمعية، تستطيع النساء أن تضحد تلك الممارسات بنجاح. تلك القضايا قضايا حساسة، وكثيرون يقولون أنه من المستحيل محاربة تلك الممارسات تماما بسبب الوصم الذي يحيط جنسانية النساء، والدين. ولكن حملة أوقفوا الرجم للأبد، وهى حملة إيرانية محلية تعمل بلا كلل من أجل إلغاء قانون الرجم، توضح جيدا كيف يمكن للنساء أن يواجهن بنجاح العنف المبرر ثقافيا ضد النساء فى ظل ظروف قمعية شديدة. فنحن عندما نرفض أن نواجه العنف ضد النساء بوصفة مبرا ثقافيا فنحن بذلك لا نتجاهل فقط هؤلاء النساء الشجعان، بل أيضا نحرمهم حقهن فى المساهمة فى ثقافتهن بقولنا أن أعمالهن وأصواتهن لا قيمة لها.
لذا، لماذا يجب أن نهتم بقضية الرجم؟ لأن قضية الرجم لا يمكن فهمها بمعزل عن التمييز على أساس النوع الاجتماعي، لايمكن فهمها بمعزل عن علاقات القوى، لا يمكن فهمها بمعزل عن كيفية أن النساء وأجسادهن وجنسانيتهن يتم التحكم بهم بواسطة فاعلين سياسيين. إن الناس فى كل مكان يجب أن نهتم بقضية الرجم لأن القضية الأشمل – العنف ضد المرأة باسم الدين والثقافة – توجد فى كل مكان. فهى توجد عندما ينصب البعض أنفسهم كـ "فرق فرض الاحتشام" ويستخدمون إكراها اجتماعيا واقتصاديا للتحكم فى لباس المرأة فى بروكلين, نيويورك. توجد عندما يجب على امرأة أن تموت لأنها لم يسمح لها بعملية إجهاض فى مستشفى أيرلندي. توجد عندما يتمتع مرتكبي العنف المنزلي بإفلات كامل من العقاب فى كل أنحاء العالم. الرجم قد يكون موجودا فى الغالب فى بلدان مسلمة، ولكن العنف ضد المرأة يتم تبريره باسم الثقافة والدين في كل مكان، وفي كل ثقافة، وفي كل دين.
من عليه الاهتمام بقضية الرجم؟ الجميع.
الحمله سيتم إطلاقها اليوم فى مقر لجنة وضع المرأة CSW لماذا الرجم هو عنف ضد النساء
(نود أن نشكر يحيى زايد على ترجمة المقال من الانجليزية إلى العربية)