سورية:بيان شبكة النساء في ظل قوانين المسلمين: اللاجئات السوريات، والزواج الإجباري والعبودية الجنسية

المصدر: 
WLUML

تشعرشبكة "النساء في ظل قوانين المسلمين" بقلق بالغ إزاء تزايد ظاهرة زواج اللاجئات السوريات في المخيمات، حيث أصبحت هذه الظاهرة متبعة كـ "استراتيجية"  للبقاء على قيد الحياة للعائلات اليائسة، أو كوسيلة للهروب من الفقر الشديد. ويعتبر الزواج القسري شكلاً من أشكال الاستعباد الجنسي، حيث يضع قيوداًً على استقلالية المرأة وحرية حركتها، وقدرتها على البت في المسائل المتعلقة بحياتها الخاصة والجنسية.

 

وتدرك شبكة "النساء في ظل قوانين المسلمين" أن المعلومات عن الأزمة السورية -والتي تنشرها وسائل الإعلام الإقليمية والدولية- كثيرة، إلا أن بعضها كان غير دقيق ومحرفة للواقع. ومع ذلك، فإن جميع الأدلة التي جمعتها الوكالات الإنسانية  تشير إلى أن الأزمة السورية ستتزايد في حال استمرار تعرض النساء السوريات إلى مصير مشابه.

 

ووفقاً لتقرير صادر عن "لجنة الإنقاذ الدولية"[1] فإن الكثير من اللاجئات يصيبهن اليأس فيلجأن لمبادلة الخدمات الجنسية بالطعام، ويجبر الأطفال على العمل في أعمال استغلالية وخطيرة، وهناك الكثير من الأسر تجبر على تزويج الفتيات مبكراً لتأمين مصاريف الحياة ودفع إيجار المنازل. لقد أصبح الزواج والبغاء القسريان واللذان يعتبران شكلا من أشكال العنف سمة بارزة ومثيرة للقلق في الأزمة السورية.

 

إن وصمة العار والمعايير الاجتماعية المرتبطة بالاغتصاب وغيره من الاستغلال الجنسي، تدفع الأسر السورية والناجيات السوريات إلى عدم التصريح عنه أوالاعتراف به، بالإضافة إلى خوف الناجيات من الانتقام من قبل المعتدين أو التعرض للقتل من أفراد الأسرة الذين يشعرون بالعار، ممايدفع هذه الأسر لتزويج الناجيات مبكراً "للحفاظ على شرفهن".

 

إن الناجيات اللواتي يتمكن من الهرب، يعانين من نقص المواد الطبية وخدمات المساعدة لهن في التجمعات اللواني استقرين بها. ولاتزال الكثير من النساء والفتيات يواجهن تحديات نتيجة الظروف غير الآمنة في مخيمات اللاجئين بالإضافة إلى مستويات مرتفعة من العنف المنزلي.

 

ومنذ بداية الأزمة السورية في عام 2011 إلى الآن، أصبح عدد السوريين النازحين داخلياً وخارجياً 2.5 مليون. وتشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن 600.000 سوري قد لجأوا إلى مابعد الحدود السورية في البلدان المجاورة، ولكن الرقم الفعلي أعلى من هذه التقديرات. وسواء تواجد هؤلاء اللاجئين في المخيمات المزدحمة أو مدن الدول المجاورة، فلايوجد لديهم أي أمل في العثور على عمل لإعالة أسرهم، ناهيك عن الحالة النفسية السيئة لهم نتيجة تعرضهم لفظائع كبيرة قبل خروجهم من وطنهم.

 

في ظل هذه الظروف السيئة، ومع الأمل الضعيف في أي مساعدة فعلية من المجتمع الدولي المشغول بالجدال حول تسليح الفصائل المتحاربة في هذه الحرب بدلا من فعل شئ تجاه الأزمة الإنسانية الحالية، تلجأ "غالبية اللاجئين (ومعظمهم من النساء والأطفال) إلى "رواج البقاء" كما يصفه أحد ممثلي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن أي "بيع الفتيات بالزواج". 

 

إن أغلب هذه الزيجات تعقد مع رجال من دول الخليج العربي، الذين يدفعون مهورا مرتفعة جداً للنساء السوريات. والمدهش أن بعض هذه الزيجات تتم عبر المنظمات غير الحكومية والتي تدعي أنها تعمل لمساعدة اللاجئين، فكما تذكر سيدة سورية في الأردن:

 

 "عندما ذهبت للحصول على مساعدة من المنظمة غير الحكومية، طلبوا رؤية ابنتي، وقالوا بانهم يمكنهم أن يجدوا زوجاً لها".

 

لقد اكدت منظمات ووكالات الإغاثة مراراً أنها لاتملك الموارد اللازمة لمساعدة جميع اللاجئين السوريين المحتاجين للمساعدة، لذلك تكون المرأة هي الخاسر الأكبر، وتدفع ثمن هذه الحرب.

 

لقد وجدت اللاجئات السوريات بعد الهروب من وطنهم المدمر أن "نجاتهم من الحرب لم تكن نهاية المطاف، فيواجهن بمحدودية الخيارات للنجاة، وبالزواج القسري غير المرغوب به الذي قد يحمل المزيد من صور العنف".

 

وتدعو شبكة "النساء في ظل قوانين المسلمين" المجتمع الدولي وخاصة الأمم المتحدة، والدول المانحة، والوكالات الإنسانية لاتخاذ تدابير خاصة وعاجلة لمعالجة تزايد أزمة العنف القائم على النوع الاجتماعي (الجندري) التي تتعرض لها المرأة السورية، وندعو إلى:

 

1.      الاستجابة لتمويل حالات الطوارئ التي تعالج العنف الجنسي الناتج عن الأزمة الإنسانية السورية.

2.      تأمين الرعاية الطبية المختصة والدعم النفسي، بالإضافة إلى مناطق آمنة للاجئين، ومعلومات الوقاية للنساء والفتيات.

3.      وضع البرامج التي من شانها أن تركز على الحد من المخاطر وتلبية الحد الأدنى من المعايير لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي (الجندري) وسوء المعاملة التي تتعرض لها المراة السورية، وتأمين الخدمات التي تحتاجها النساء للحفاظ على سلامتهن (مياه – مأوى – صرف صحي ... ) في المخيمات.

4.      إنشاء البرامج التي تعمل على دعم النساء اقتصادياً، وذلك للحد من ظاهرة العمل الاستغلالي التي تتعرض له النساء بمافي ذلك اللجوء للجنس من أجل الحياة.

5.      على الدول المانحة الالتزام بما قدمته من التزامات لزيادة كم ونوعية الخدمات بموجب مختلف قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالمرأة والسلام والأمن[2]، وأن تعطي برامجهم الاولوية لظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي (الجندري) كأمر مقلق يستدعي الحماية منه، حيث ينبغي تعيين منسقين مختصين لوضع الخطط وتحديد الاحتياجات بناء على الوضع الحالي، بالإضافة إلى إيلاء التدريب التقني الذي يراعي الفوارق القائمة على النوع الاجتماعي اهتماماً خاصاً من قبل منظمات المجتمع المحلي ومقدمي خدمات الرعاية الصحية.

ترجمة: أميرة مالك

 



[2] There are five (5) UN Security Council Resolutions to address concerns  facing women , peace and security  in conflict and post-conflict situations:  These are: Resolution 1825 (2000)  Resolution  1820 (2008),  Resolution 1888 (2009), Resolution 1889 (2009), and Resolution 1960 (2010).