حوارات حول واقع المرأة في الأحكام الأسرية
Source:
أخبار الخليج البحرين, كتبت هناء المحروس: تفاعلت النسوة اللواتي حضرن أعمال ورشة العمل التي نظمها المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع جامعة البحرين في فندق الخليج عن "واقع المرأة في الأحكام الأسرية الموضوعية والاجرائية" تفاعلا ايجابيا وخصوصا ان الموضوع مس معاناتهن مع أزواجهن والمشاكل التي تعرضت لها حياتهن الزوجية. وقد أكدت المشاركات أهمية وضع آليات صحيحة لتطبيق الشريعة الاسلامية والنصوص القانونية الموجودة في قوانين الأحوال الشخصية العربية وبالأخص في حالة حدوث مشاكل تعتري الحياة الزوجية من طلاق ونفقة وحضانة وهي مشاكل تعانيها المرأة العربية في كافة الدول العربية. وأكدن أهمية الاستفادة من تجربة المغرب في البحرين وبالأخص فيما يتعلق بتقنين مدونة الأحوال الشخصية والتي طالتها التغييرات العديدة. وشددت المشاركات على أهمية الاسراع في اصدار قانون الأحوال الشخصية الموحد بين المذهب السني والجعفري لصون الأسرة البحرينية وتبيان الحقوق والواجبات.
الإجراءات أمام المحاكم:
وفي كلمة للأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة الأستاذة لولوة صالح العوضي قالت ان انعقاد هذه الورشة يأتي ايمانا وقناعة من المجلس الأعلى للمرأة بأهمية تعريف المرأة وتوعيتها بحقوقها الموضوعية في الأحكام الأسرية وبالقواعد والأحكام المقررة في القوانين الاجرائية مثل قانون الاجراءات أمام المحاكم الشرعية وأحكام قانون السلطة القضائية ذات الصلة باختصاصات المحاكم والمذاهب المطبقة وكذلك قانون العقوبات فيما يتعلق بأحكام الأسرة، بالاضافة إلى التعرف على تجارب بعض الدول العربية فيما يتعلق بهذه الموضوعات والاجراءات. وأوصلت الأستاذة لولوة العوضي تحيات صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة الى كافة المشاركين في الورشة.
أوراق هامة :
وقد شملت الورشة العديد من الأوراق الهامة فكانت الورقة الأولى لقاضي المحكمة الكبرى الشرعية - الدائرة السنية - حول "حقوق المرأة في الأحكام الأسرية طبقا للمذهب السني". أما الورقة الثانية فكانت للقاضي ناصر العصفور رئيس المحكمة الكبرى الجعفرية حول حقوق المرأة في الأحكام الأسرية طبقا للمذهب الجعفري. أما الورقة الأخيرة فكانت للقاضية زهور الحر رئيسة المحكمة الابتدائية في المحكمة المغربية حول "الحقوق المقررة في أحكام الأسرة عرض عملي ونماذج تطبيقية وحالات واقعية".
التجربة المغربية:
وتناولت القاضية زهور الحر في ورقتها "الوسائل والآليات لتطبيق الحقوق المقررة في أحكام الأسرة" مشيرة الى انه لابد من ان تنطلق من آليات المسار التشريعي والسياق العام الذي جاءت فيه هذه الحقوق من خلال الربط بين وضعية المرأة ومسار حقوق الانسان والمرتكزات الأساسية لهذه الحقوق كبلد عربي مسلم والخصائص التي تميز قانون الأسرة ومن بينها اقرار مبدأ المساواة والتوازن في الحقوق والواجبات. وأضافت: ان هناك منافذ ومسالك جديدة لانهاء العلاقة الزوجية كالطلاق بالاتفاق وهو ان يتفق الزوجان بشكل حضاري على انهاء العلاقة الزوجية بينهما بشروط أو بدونها، شريطة عدم الاضرار بمصالح الأطفال.. والتطليق للاخلال بأحد شروط العقد التي اشترطها أحد الطرفين وقبلها عند إبرام العقد.. والتطليق للشقاق وهو ان يتقدم احد الزوجين الى المحكمة بطلب يرمي الى حل النزاع القائم بينهما مخافة الشقاق فتجري المحكمة محاولة الصلح بواسطة الحكمين تحت مراقبة القاضي، فاذا تعذر الصلح واستمر الشقاق حكمت المحكمة بالتطليق مع مراعاة مسئولية كل من الزوجين عن سبب الفراق وامكانية الحكم بالتعويض للطرف الآخر.
قيود وضوابط:
أما الآلية الثانية فتتمثل في أن المشرع وان احتفظ للزوج بحق ايقاع الطلاق ولو بدون سبب فقد تم وضع قيود وضوابط واجراءات مسطرية قصد الحد منه واستعماله عند الضرورة، وذلك بسلوك المراحل الآتية: فالمرحلة الأولى تقديم طلب الزوج الراغب في الطلاق إلى قسم قضاء الأسرة بالمحكمة، ويلتمس فيه الاذن له بالاشهاد على الطلاق أمام العدلين الموجودين بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها، إما بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل ابرام عقد الزواج. وهذا الطلب يتضمن معلومات وافية عن هوية الزوجين ومهنتهما وعدد الأطفال وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي مع رسم الزواج والحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية. وأشارت الى أنه في المرحلة الثانية يتم استدعاء الزوجين لحضور مجلس الطلاق واجراء محاولة الصلح، فاذا لم يحضر الزوج اعتبر متراجعا عن طلبه أما الزوجة فاذا لم تحضر شخصيا أخطرتها المحكمة باشعار عن طريق النيابة العامة بأنها لم تحضر وسبب غيبتها، وقد جاء هذا الاجراء لمعالجة حالات التأجيل التي كانت تطبق فيها مقتضيات المادتين (38) و(39) من قانون المسطرة المدنية والتي تعتبر التأجيل في الحضور قانونيا ولو كان بواسطة الغير، وكان أحيانا هذا الغير هو الزوج نفسه. وتطرقت الى المرحلة الرابعة في حالة نجاح محاولة الصلح تحرر المحكمة محضرا بشأن الرجوع اليه عند الحاجة، أما اذا فشلت المحاولة فقبل أن تمنح المحكمة الزوج الاذن بتوثيق الطلاق تحدد المبالغ المستحقة للزوجة وللأطفال وتكلفه بايداعها في صندوق المحكمة خلال أجل لا يتعدى 30 يوما، وإلا اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق، وبعد التقدم بايصال ايداع هذه المستحقات تأذن المحكمة للزوج بالاشهاد على الطلاق وتوثيقه أمام العدلين.
حقوق مؤخر الصداق:
وتشمل هذه المستحقات مؤخر الصداق إن وجد ونفقة العدة والمتعة ويراعى في تقديرها سن الزوج وسن الزوجة والوضعية المالية للزوج واسباب الطلاق ومدة تعسف الزوج في ايقاع الطلاق وسكن الزوجة خلال العدة ببيت الزوجية ونفقة الأولاد. وأضافت القاضية زهور الحر انه يتم الاشهاد على الطلاق أمام العدلين ثم يقوم القاضي المكلف بالتوثيق بالخطاب عليه، وبعث نسخة منه الى المحكمة التي اصدرت الاذن بالطلاق لاصدار قرار معلل يتضمن كافة البيانات اللازمة من هوية الزوجين وملخص ادعائهما ودفوعهما وتاريخ الانهاء بالطلاق وبيان ما اذا كانت الزوجة حاملا أم لا، وذكر أسماء الأطفال وسنهم ومن أسندت له حضانتهم وتنظيم حق الزيارة وتحديد كل المستحقات للزوجة أو للأطفال.
قضايا الأسرة أمام المحكمة:
وعن دور القضاء في معالجة قضايا الأسرة فتتحدث قائلة انه يتجلى ذلك في الدور الأساسي الذي أناط به المشرع القضاء في التعامل مع قضايا الأسرة حيث طوقه بمسئولية كبيرة، فبالاضافة الى سلطة القاضي في تطويع النص عن طريق الاجتهاد في التأويل والتفسير خوله صلاحيات مهمة وجعل العديد من التصرفات مقيدة ومتوقفة على الاذن القضائي وخاضعة للمراقبة القضائية ابتداء من الاذن بتوثيق عقد الزواج ومرورا بالاذن بالتعدد والاذن بتوثيق الطلاق إلى تصفية التركة عند الوفاة. ومن الآليات التي تم رصدها للوصول الى هذه الأهداف وضع هيكلة جديدة لقضاء الأسرة، اذ تم انشاء قسم خاص بهذا النوع من القضايا في كل محكمة ابتدائية يتولى البت في النزاعات الأسرية بهيئة قضائية متخصصة ونيابة عامة متخصصة وجهاز كتابة الضبط والتبليغ والتنفيذ.
دور النيابة العامة:
أما النيابة العام فلها دور رئيسي وأصلي في كل القضايا وهو ما نصت عليه المادة 3 من المدونة التي اعتبرت النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية الى تطبيق احكام هذا القانون باعتبار ان القضايا التي تمس الأسرة هي قضايا من النظام العام وبالتالي يجب حمايتها والسهر على ضمان استقرارها بحضورها في كل الجلسات. كما يحق للنيابة العامة رفع الدعوى كطرف مدع أو يكون طرفا مدعى عليه وينطبق عليها ما ينطبق على الخصوم من تناول الكلمة والتعقيب واستعمال حق الطعن في الأحكام الصادرة ولها ان تتدخل في كل القضايا واتخاذ التدابير التي تراها ملائمة عند اللجوء اليها كجهة مكلفة بحماية حقوق افراد الأسرة عند المساس بها.
ضمان حقوق المرأة:
أما القاضي فريد بن يعقوب المفتاح القاضي بالمحكمة الكبرى الشرعية السنية فتناول في ورقته "الضمانات الشرعية لحقوق المرأة الزوجية".. فقال: ان الشريعة الاسلامية ضمنت للمرأة كامل حقوقها، ومنها حقوقها الزوجية، ذلك بالأمر بصيانتها وايصالها اليها، ومنع الاعتداء عليها. وأضاف: ان الشريعة الاسلامية ضمنت للمرأة حقوقها وانها منعت التنازل عن الحقوق التي يكون في التنازل عنها ضرر مادي أو معنوي بها، أو مخالفة شرعية في التنازل عنها، كأن تتنازل عن حضانة أولادها مثلا، فلها أن ترجع في ذلك كما قال جمع من العلماء، لأنه ليس من حقها ان تتنازل عن حق غيرها وهو المحضون. من الضمانات لحقوق المرأة ان تنازلها عن الحقوق لابد أن يكون برضاها، وقد أبطلت الشريعة كل تصرف لها بالتنازل عن حقوقها اذا اشتمل على اكراه أو غدر أو جهالة، كأن رضيت بشيء ثم يتبين عدم علمها به أو لسبق جهالة.
اسقاط الولاية:
من ضمانات حقوق المرأة الخاصة أن الشريعة منعت ولي المرأة أن يعضلها، فيمنعها من الزواج مطلقا، أو ممن تريده، لو كانت من أهل الاختيار، ان أرادت ان تزوج من كفء، لأن عضلها ظلم لها وهضم لحق أساسي من حقوقها. ان الولي لو عضلها أو غاب عنها، فان الشريعة ضمنت حقها في الزواج باسقاط ولايته بسبب العضل أو الغيبة، وتنقل ولايتها الى الولي الأبعد، أو الى نفسها فتزوج نفسها بنفسها، كما يذهب الى ذلك الأحناف، كما لا يجوز اكراه المرأة على الزواج بمن لا ترغب فيه، وضمانا لهذا الحق جعلت الشريعة الاسلامية للمرأة حق طلب فسخ ذلك النكاح. وأضاف : انه ضمانا لحق المرأة في نفي الضرر، جعلت الشريعة لها طلب التفريق لاصابة زوجها بأمراض معدية كالجذام، أو إخلاله بأداء واجب الزوجية كالعنة، وبأنه من حق المرأة اختيار الزوج ولا يحق لأحد اجبار المرأة على الزواج من شخص معين بل يرجع اليها الاختيار. أما الولاية فاذا كانت غير بكر فلا ولاية لأحد عليها كالمطلقة والمتوفى عنها زوجها، واذا كانت غير متزوجة فالولي على زواج البكر هو أبوها أو جدها لأبيها ويشترط رضاها بذلك، ولهذا لو ادعت عضل وليها، بأن لم يزوجها بالكفء، رفعت أمرها الى القاضي فاذا ثبت ذلك حكم بتزويجها، ورفع الولاية عن وليها حينئذ ولا ولاية لأخ الزوجة في الفقه الجعفري، فاذا فقد الأب فالجد للأب . وأضاف : ان المهر هو حق للمرأة وهو واضح ويجب أن يكون معينا في مقداره أو صفته أو حقيقته، فلو كان فيه ابهام، ولم يذكر مهر في العقد استحقت مهر أمثالها اذا تضررت المرأة بفراق زوجها لفقده، أو غيبته غيبة منقطعة، أو حبسه، أو وقوعه في الأسر، فان الشريعة الاسلامية أباحت لها طلب التفريق، اذا تحققت الشروط المعتبرة في مثل تلك الحالات ضمانا لرفع الضرر المادي والنفسي عنها، اذ انه لا ضرر ولا ضرار. واذا أعسر الزوج بنفقة زوجته أو امتنع عن الانفاق عليها، مع كونه موسرا، فان الشريعة ضمنت للمرأة حقها في النفقة باجباره على النفقة، أو جعل الخيار لها بطلبها فسخ النكاح، اذا تحققت القيود المعتبرة في ذلك.
حق اختيار الزوج:
أما القاضي ناصر العصفور رئيس المحكمة الكبرى الشرعية الجعفرية فتناول حق المرأة ما قبل الزواج وفقا للشريعة الاسلامية. أما النفقة فاذا كانت المرأة غير متزوجة فنفقتها على أبيها الى ان تتزوج، وعلى الزوج أن يوفر جميع مستلزمات المعيشة من مأكل ومشرب ولباس وأثاث واحتياجات من دواء. ويقول القاضي ناصر العصفور ان الطلاق واذا كان بيد الرجل، الا انه في حالات يحق للمرأة اللجوء الى القضاء للطلاق لعدم الانفاق، اذا امتنع الزوج الحاضر عن الانفاق عليها يلزمه القاضي، فان امتنع وطلبت التطليق أمره القاضي بالتطليق فان امتنع طلق القاضي عليه طلقة بائنة. أما الطلاق للضرر فانه يحقق للزوجة طلب التطليق اذا امتنع عن الامساك بالمعروف بحيث تعذر استقرار الحياة الزوجية كهجران الزوجة مدة طويلة أو ثبت تعاطيه للمخدرات أو المسكرات أو تعرضها للايذاء للضرب والشتم، أو ابتلاء الزوج بأمراض نفسية يصعب علاجها أو أمراض خطيرة سرية. ويتطرق القاضي ناصر العصفور الى واقع الحال في المحاكم الشرعية فيقول ان هناك بعض الزوجات يلجأن الى المحكمة لكنهن لا يقدمن ما يثبت الضرر لكونهن ليس لديهن أية خبرة أو معرفة.
ومن هنا أقترح على المجلس الأعلى للمرأة انشاء مكتب أو ما شابه لتعريف المرأة بمطالبها وكيفية تقديم الحجج خصوصا للمرأة التي لا تستطيع توكيل محام عنها.
وفي كلمة للأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة الأستاذة لولوة صالح العوضي قالت ان انعقاد هذه الورشة يأتي ايمانا وقناعة من المجلس الأعلى للمرأة بأهمية تعريف المرأة وتوعيتها بحقوقها الموضوعية في الأحكام الأسرية وبالقواعد والأحكام المقررة في القوانين الاجرائية مثل قانون الاجراءات أمام المحاكم الشرعية وأحكام قانون السلطة القضائية ذات الصلة باختصاصات المحاكم والمذاهب المطبقة وكذلك قانون العقوبات فيما يتعلق بأحكام الأسرة، بالاضافة إلى التعرف على تجارب بعض الدول العربية فيما يتعلق بهذه الموضوعات والاجراءات. وأوصلت الأستاذة لولوة العوضي تحيات صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة الى كافة المشاركين في الورشة.
أوراق هامة :
وقد شملت الورشة العديد من الأوراق الهامة فكانت الورقة الأولى لقاضي المحكمة الكبرى الشرعية - الدائرة السنية - حول "حقوق المرأة في الأحكام الأسرية طبقا للمذهب السني". أما الورقة الثانية فكانت للقاضي ناصر العصفور رئيس المحكمة الكبرى الجعفرية حول حقوق المرأة في الأحكام الأسرية طبقا للمذهب الجعفري. أما الورقة الأخيرة فكانت للقاضية زهور الحر رئيسة المحكمة الابتدائية في المحكمة المغربية حول "الحقوق المقررة في أحكام الأسرة عرض عملي ونماذج تطبيقية وحالات واقعية".
التجربة المغربية:
وتناولت القاضية زهور الحر في ورقتها "الوسائل والآليات لتطبيق الحقوق المقررة في أحكام الأسرة" مشيرة الى انه لابد من ان تنطلق من آليات المسار التشريعي والسياق العام الذي جاءت فيه هذه الحقوق من خلال الربط بين وضعية المرأة ومسار حقوق الانسان والمرتكزات الأساسية لهذه الحقوق كبلد عربي مسلم والخصائص التي تميز قانون الأسرة ومن بينها اقرار مبدأ المساواة والتوازن في الحقوق والواجبات. وأضافت: ان هناك منافذ ومسالك جديدة لانهاء العلاقة الزوجية كالطلاق بالاتفاق وهو ان يتفق الزوجان بشكل حضاري على انهاء العلاقة الزوجية بينهما بشروط أو بدونها، شريطة عدم الاضرار بمصالح الأطفال.. والتطليق للاخلال بأحد شروط العقد التي اشترطها أحد الطرفين وقبلها عند إبرام العقد.. والتطليق للشقاق وهو ان يتقدم احد الزوجين الى المحكمة بطلب يرمي الى حل النزاع القائم بينهما مخافة الشقاق فتجري المحكمة محاولة الصلح بواسطة الحكمين تحت مراقبة القاضي، فاذا تعذر الصلح واستمر الشقاق حكمت المحكمة بالتطليق مع مراعاة مسئولية كل من الزوجين عن سبب الفراق وامكانية الحكم بالتعويض للطرف الآخر.
قيود وضوابط:
أما الآلية الثانية فتتمثل في أن المشرع وان احتفظ للزوج بحق ايقاع الطلاق ولو بدون سبب فقد تم وضع قيود وضوابط واجراءات مسطرية قصد الحد منه واستعماله عند الضرورة، وذلك بسلوك المراحل الآتية: فالمرحلة الأولى تقديم طلب الزوج الراغب في الطلاق إلى قسم قضاء الأسرة بالمحكمة، ويلتمس فيه الاذن له بالاشهاد على الطلاق أمام العدلين الموجودين بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها، إما بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل ابرام عقد الزواج. وهذا الطلب يتضمن معلومات وافية عن هوية الزوجين ومهنتهما وعدد الأطفال وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي مع رسم الزواج والحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية. وأشارت الى أنه في المرحلة الثانية يتم استدعاء الزوجين لحضور مجلس الطلاق واجراء محاولة الصلح، فاذا لم يحضر الزوج اعتبر متراجعا عن طلبه أما الزوجة فاذا لم تحضر شخصيا أخطرتها المحكمة باشعار عن طريق النيابة العامة بأنها لم تحضر وسبب غيبتها، وقد جاء هذا الاجراء لمعالجة حالات التأجيل التي كانت تطبق فيها مقتضيات المادتين (38) و(39) من قانون المسطرة المدنية والتي تعتبر التأجيل في الحضور قانونيا ولو كان بواسطة الغير، وكان أحيانا هذا الغير هو الزوج نفسه. وتطرقت الى المرحلة الرابعة في حالة نجاح محاولة الصلح تحرر المحكمة محضرا بشأن الرجوع اليه عند الحاجة، أما اذا فشلت المحاولة فقبل أن تمنح المحكمة الزوج الاذن بتوثيق الطلاق تحدد المبالغ المستحقة للزوجة وللأطفال وتكلفه بايداعها في صندوق المحكمة خلال أجل لا يتعدى 30 يوما، وإلا اعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق، وبعد التقدم بايصال ايداع هذه المستحقات تأذن المحكمة للزوج بالاشهاد على الطلاق وتوثيقه أمام العدلين.
حقوق مؤخر الصداق:
وتشمل هذه المستحقات مؤخر الصداق إن وجد ونفقة العدة والمتعة ويراعى في تقديرها سن الزوج وسن الزوجة والوضعية المالية للزوج واسباب الطلاق ومدة تعسف الزوج في ايقاع الطلاق وسكن الزوجة خلال العدة ببيت الزوجية ونفقة الأولاد. وأضافت القاضية زهور الحر انه يتم الاشهاد على الطلاق أمام العدلين ثم يقوم القاضي المكلف بالتوثيق بالخطاب عليه، وبعث نسخة منه الى المحكمة التي اصدرت الاذن بالطلاق لاصدار قرار معلل يتضمن كافة البيانات اللازمة من هوية الزوجين وملخص ادعائهما ودفوعهما وتاريخ الانهاء بالطلاق وبيان ما اذا كانت الزوجة حاملا أم لا، وذكر أسماء الأطفال وسنهم ومن أسندت له حضانتهم وتنظيم حق الزيارة وتحديد كل المستحقات للزوجة أو للأطفال.
قضايا الأسرة أمام المحكمة:
وعن دور القضاء في معالجة قضايا الأسرة فتتحدث قائلة انه يتجلى ذلك في الدور الأساسي الذي أناط به المشرع القضاء في التعامل مع قضايا الأسرة حيث طوقه بمسئولية كبيرة، فبالاضافة الى سلطة القاضي في تطويع النص عن طريق الاجتهاد في التأويل والتفسير خوله صلاحيات مهمة وجعل العديد من التصرفات مقيدة ومتوقفة على الاذن القضائي وخاضعة للمراقبة القضائية ابتداء من الاذن بتوثيق عقد الزواج ومرورا بالاذن بالتعدد والاذن بتوثيق الطلاق إلى تصفية التركة عند الوفاة. ومن الآليات التي تم رصدها للوصول الى هذه الأهداف وضع هيكلة جديدة لقضاء الأسرة، اذ تم انشاء قسم خاص بهذا النوع من القضايا في كل محكمة ابتدائية يتولى البت في النزاعات الأسرية بهيئة قضائية متخصصة ونيابة عامة متخصصة وجهاز كتابة الضبط والتبليغ والتنفيذ.
دور النيابة العامة:
أما النيابة العام فلها دور رئيسي وأصلي في كل القضايا وهو ما نصت عليه المادة 3 من المدونة التي اعتبرت النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية الى تطبيق احكام هذا القانون باعتبار ان القضايا التي تمس الأسرة هي قضايا من النظام العام وبالتالي يجب حمايتها والسهر على ضمان استقرارها بحضورها في كل الجلسات. كما يحق للنيابة العامة رفع الدعوى كطرف مدع أو يكون طرفا مدعى عليه وينطبق عليها ما ينطبق على الخصوم من تناول الكلمة والتعقيب واستعمال حق الطعن في الأحكام الصادرة ولها ان تتدخل في كل القضايا واتخاذ التدابير التي تراها ملائمة عند اللجوء اليها كجهة مكلفة بحماية حقوق افراد الأسرة عند المساس بها.
ضمان حقوق المرأة:
أما القاضي فريد بن يعقوب المفتاح القاضي بالمحكمة الكبرى الشرعية السنية فتناول في ورقته "الضمانات الشرعية لحقوق المرأة الزوجية".. فقال: ان الشريعة الاسلامية ضمنت للمرأة كامل حقوقها، ومنها حقوقها الزوجية، ذلك بالأمر بصيانتها وايصالها اليها، ومنع الاعتداء عليها. وأضاف: ان الشريعة الاسلامية ضمنت للمرأة حقوقها وانها منعت التنازل عن الحقوق التي يكون في التنازل عنها ضرر مادي أو معنوي بها، أو مخالفة شرعية في التنازل عنها، كأن تتنازل عن حضانة أولادها مثلا، فلها أن ترجع في ذلك كما قال جمع من العلماء، لأنه ليس من حقها ان تتنازل عن حق غيرها وهو المحضون. من الضمانات لحقوق المرأة ان تنازلها عن الحقوق لابد أن يكون برضاها، وقد أبطلت الشريعة كل تصرف لها بالتنازل عن حقوقها اذا اشتمل على اكراه أو غدر أو جهالة، كأن رضيت بشيء ثم يتبين عدم علمها به أو لسبق جهالة.
اسقاط الولاية:
من ضمانات حقوق المرأة الخاصة أن الشريعة منعت ولي المرأة أن يعضلها، فيمنعها من الزواج مطلقا، أو ممن تريده، لو كانت من أهل الاختيار، ان أرادت ان تزوج من كفء، لأن عضلها ظلم لها وهضم لحق أساسي من حقوقها. ان الولي لو عضلها أو غاب عنها، فان الشريعة ضمنت حقها في الزواج باسقاط ولايته بسبب العضل أو الغيبة، وتنقل ولايتها الى الولي الأبعد، أو الى نفسها فتزوج نفسها بنفسها، كما يذهب الى ذلك الأحناف، كما لا يجوز اكراه المرأة على الزواج بمن لا ترغب فيه، وضمانا لهذا الحق جعلت الشريعة الاسلامية للمرأة حق طلب فسخ ذلك النكاح. وأضاف : انه ضمانا لحق المرأة في نفي الضرر، جعلت الشريعة لها طلب التفريق لاصابة زوجها بأمراض معدية كالجذام، أو إخلاله بأداء واجب الزوجية كالعنة، وبأنه من حق المرأة اختيار الزوج ولا يحق لأحد اجبار المرأة على الزواج من شخص معين بل يرجع اليها الاختيار. أما الولاية فاذا كانت غير بكر فلا ولاية لأحد عليها كالمطلقة والمتوفى عنها زوجها، واذا كانت غير متزوجة فالولي على زواج البكر هو أبوها أو جدها لأبيها ويشترط رضاها بذلك، ولهذا لو ادعت عضل وليها، بأن لم يزوجها بالكفء، رفعت أمرها الى القاضي فاذا ثبت ذلك حكم بتزويجها، ورفع الولاية عن وليها حينئذ ولا ولاية لأخ الزوجة في الفقه الجعفري، فاذا فقد الأب فالجد للأب . وأضاف : ان المهر هو حق للمرأة وهو واضح ويجب أن يكون معينا في مقداره أو صفته أو حقيقته، فلو كان فيه ابهام، ولم يذكر مهر في العقد استحقت مهر أمثالها اذا تضررت المرأة بفراق زوجها لفقده، أو غيبته غيبة منقطعة، أو حبسه، أو وقوعه في الأسر، فان الشريعة الاسلامية أباحت لها طلب التفريق، اذا تحققت الشروط المعتبرة في مثل تلك الحالات ضمانا لرفع الضرر المادي والنفسي عنها، اذ انه لا ضرر ولا ضرار. واذا أعسر الزوج بنفقة زوجته أو امتنع عن الانفاق عليها، مع كونه موسرا، فان الشريعة ضمنت للمرأة حقها في النفقة باجباره على النفقة، أو جعل الخيار لها بطلبها فسخ النكاح، اذا تحققت القيود المعتبرة في ذلك.
حق اختيار الزوج:
أما القاضي ناصر العصفور رئيس المحكمة الكبرى الشرعية الجعفرية فتناول حق المرأة ما قبل الزواج وفقا للشريعة الاسلامية. أما النفقة فاذا كانت المرأة غير متزوجة فنفقتها على أبيها الى ان تتزوج، وعلى الزوج أن يوفر جميع مستلزمات المعيشة من مأكل ومشرب ولباس وأثاث واحتياجات من دواء. ويقول القاضي ناصر العصفور ان الطلاق واذا كان بيد الرجل، الا انه في حالات يحق للمرأة اللجوء الى القضاء للطلاق لعدم الانفاق، اذا امتنع الزوج الحاضر عن الانفاق عليها يلزمه القاضي، فان امتنع وطلبت التطليق أمره القاضي بالتطليق فان امتنع طلق القاضي عليه طلقة بائنة. أما الطلاق للضرر فانه يحقق للزوجة طلب التطليق اذا امتنع عن الامساك بالمعروف بحيث تعذر استقرار الحياة الزوجية كهجران الزوجة مدة طويلة أو ثبت تعاطيه للمخدرات أو المسكرات أو تعرضها للايذاء للضرب والشتم، أو ابتلاء الزوج بأمراض نفسية يصعب علاجها أو أمراض خطيرة سرية. ويتطرق القاضي ناصر العصفور الى واقع الحال في المحاكم الشرعية فيقول ان هناك بعض الزوجات يلجأن الى المحكمة لكنهن لا يقدمن ما يثبت الضرر لكونهن ليس لديهن أية خبرة أو معرفة.
ومن هنا أقترح على المجلس الأعلى للمرأة انشاء مكتب أو ما شابه لتعريف المرأة بمطالبها وكيفية تقديم الحجج خصوصا للمرأة التي لا تستطيع توكيل محام عنها.