قانون يتيح للأب نفي نسب ابنه: «اللعان» في سورية مشكلة لم تحسم بعد
Source:
الحياة كتبت بيسان البني: انفـــرد قانـــون الأحـوال الشخصيــة السـوري في مادته 333 حتـى 340بتنظيـم «اللعان» وهو الوسيلة الوحيدة التي يستطيع الأب من خلالها نفي نسب ابنه الشرعي، أي المولود بعد انتهاء ستة أشهر من إتمام عقد زواج صحيح. واللعان لفظ مشتق من اللعنة يلجأ إليه الزوج عندما يشك بشرعية ابنه ولا يملك من الأدلة ما يجعل شكه يقيناً. وتتم «الملاعنة» بين الزوجين بأن يقسم كل منهما اليمين أمام المحكمة الشرعية، فيقول الزوج أربع مرات «أشهد بالله أني من الصادقين في نفي الولد» وفي المرة الخامسة يقول: «لعنة الله تحل علي إن كنت من الكاذبين». أما الزوجة فتحلف أيضاً أربع مرات أن زوجها من الكاذبين وبأن تحل عليها لعنة الله إن كان هو من الصادقين. بعد ذلك، يحكم القاضي نفي نسب الولد الى أبيه ويفرق بين الزوجين...
الغاية تبرر:
على رغم استناد أحكام اللعان الى الشرع الإسلامي الذي يتوعد الكاذب من الزوجين بعذاب أليم في الحياة الآخرة، فقد ذهب بعض الرجال إلى استخدام اللعان كوسيلة لتسهيل الطلاق بإثارة شكوك مبالغ فيها أو أوهام مرضية ليس لها في بعض الأحيان أساس من الصحة...
تقول لمياء (93 عاماً): «والله العظيم والله العظيم أني لم أعرف رجلاً غير زوجي، والله يعلم بكل شيء». قصة لمياء بدأت بعد زواجها بأشهر قليلة: «أخبرني زوجي أنه لا يثق بأي امرأة وانه يعتقد ان كل النساء متشابهات في الكذب والنفاق». وتتابع روايتها وفي حضنها صبي صغير لم يتجاوز السادسة من العمر: «منعني من مغادرة المنزل إلا برفقته، كان يهدد ويتوعد، رضيت بقسمتي وعشنا على هذا الحال أكثر من عشر سنوات أنجبت خلالها ثلاثة أولاد. ثم عندما حملت بالولد الرابع خالد...». تتنهد وتتوقف قليلاً عن الكلام، ثم تنزل خالد من حضنها وتطلب منه الخروج من الغرفة، وتهمس كأنها تفضي بسر: «في آخر مراحل حملي، فاجأني كالمجنون، وبدأ يشتمني ويقول انني زانية وإن هذا الطفل ليس ابنه... لم آخذ الأمر على محمل الجد فقد اعتدت نوبات الغيرة والغضب التي تنتابه. قلت لنفسي هي فترة لا بد من أن تمر ويعود إلى رشده، فهو يعلم أني لا يمكن أن أخونه. ثم كيف يشك بي وكنت وأولادي نلازم المنزل طوال النهار والليل». وتتابع بألم: «كنت في المستشفى عندما علمت أنه يطلبني إلى المحكمة، (وقت الولادة أو بعدها بأيام قليلة هي فقط الفترة التي يسمح خلالها نفي شرعية الولد باللعان). أصبت بما يشبه الانهيار العصبي وطلبت رؤيته. لكنه رفض وأخبر أهلي بأني «لعوب مثل جميع النساء» وبأن بيته «لا يمكن أن يضم زانية». ذهبت إلى المحكمة ولا أدري كيف استطاع أن يكذب ويقسم بأن خالد ليس ابنه. أقسمت بدوري أنه كاذب وكاذب، وتلقائياً جاء حكم القاضي في مصلحته وطلقني منه. أخذ أولادي الثلاثة مني بذريعة أنه لا يريد لهم أن يعيشوا مع أم خائنة. أنا لست زانية، تحديته وأخبرته بأنني وخالد مستعدان لجميع الفحوصات الطبية بعد أن سمعت عن فحص خاص يسمى الـ «د ن ا». شجعوني على إجرائه لأن نتيجته صحيحة. لكنه رفض. لم أعد أحتمل. نظرات الاتهام ترمقني في كل مكان. حتى أهلي الذين أعيش معهم الآن تنتابهم شكوك، أشعر بأنهم لا يكنون الحب الطبيعي لخالد».
ويسقط نفي نسب خالد عنه حقه في الحصول على نفقة أو إرث من أبيه، ويصبح غير قادر على حمل أي نسب آخر، وتسري على الأم والولد بعض الأحكام التي تربط الولد الشرعي بأبيه فلا تصح مثلاً شهادة أحدهما للآخر ولا يجوز أن يصرف الأب زكاة ماله عليه. كما لا يحق للطفل الزواج من ابنة أبيه الذي تنكر له ونفاه. كأن الفقهاء ورجال القانون يريدون من الإبقاء على هذه المفارقات «حفظ خط الرجعة» والتحسب من احتمال أن يكون الأب كاذباً. وتضيف لمياء: «زوجي تزوج بعد طلاقي فتاة تصغره بعشرين سنة وأنا أعيش الآن فقط من أجل خالد. أريده أن يفخر بي عندما يكبر ويدرك الحقيقة. كلي أمل أنه سيصدقني ولن يلومني كما الآخرين».
عالجت المملكة المغربية في مدونة الأسرة الحديثة ومن قبلها تونس في قانون الأحوال الشخصية هذه المشكلة بألاّ يقتصر نفي نسب الطفل الشرعي على قسم اللعان، بل يمكن الحكم القضائي أن يستند الى الخبرة الطبية الحاسمة، في حين لا يزال القضاء السوري مجبراً على تجاهل ما يمكن أن يقدمه تطور العلم والطب من قرائن وبراهين قاطعة. وتختتم لمياء قصتها بالقول: «أصبر على ما أنا فيه لأنني على ثقة بأن زوجي سينال عقاباً عسيراً في الحياة الآخرة، وبأن الله سيعوضنا، أنا وابني، عن العذاب الذي نعيشه في الحياة الدنيا».
على رغم استناد أحكام اللعان الى الشرع الإسلامي الذي يتوعد الكاذب من الزوجين بعذاب أليم في الحياة الآخرة، فقد ذهب بعض الرجال إلى استخدام اللعان كوسيلة لتسهيل الطلاق بإثارة شكوك مبالغ فيها أو أوهام مرضية ليس لها في بعض الأحيان أساس من الصحة...
تقول لمياء (93 عاماً): «والله العظيم والله العظيم أني لم أعرف رجلاً غير زوجي، والله يعلم بكل شيء». قصة لمياء بدأت بعد زواجها بأشهر قليلة: «أخبرني زوجي أنه لا يثق بأي امرأة وانه يعتقد ان كل النساء متشابهات في الكذب والنفاق». وتتابع روايتها وفي حضنها صبي صغير لم يتجاوز السادسة من العمر: «منعني من مغادرة المنزل إلا برفقته، كان يهدد ويتوعد، رضيت بقسمتي وعشنا على هذا الحال أكثر من عشر سنوات أنجبت خلالها ثلاثة أولاد. ثم عندما حملت بالولد الرابع خالد...». تتنهد وتتوقف قليلاً عن الكلام، ثم تنزل خالد من حضنها وتطلب منه الخروج من الغرفة، وتهمس كأنها تفضي بسر: «في آخر مراحل حملي، فاجأني كالمجنون، وبدأ يشتمني ويقول انني زانية وإن هذا الطفل ليس ابنه... لم آخذ الأمر على محمل الجد فقد اعتدت نوبات الغيرة والغضب التي تنتابه. قلت لنفسي هي فترة لا بد من أن تمر ويعود إلى رشده، فهو يعلم أني لا يمكن أن أخونه. ثم كيف يشك بي وكنت وأولادي نلازم المنزل طوال النهار والليل». وتتابع بألم: «كنت في المستشفى عندما علمت أنه يطلبني إلى المحكمة، (وقت الولادة أو بعدها بأيام قليلة هي فقط الفترة التي يسمح خلالها نفي شرعية الولد باللعان). أصبت بما يشبه الانهيار العصبي وطلبت رؤيته. لكنه رفض وأخبر أهلي بأني «لعوب مثل جميع النساء» وبأن بيته «لا يمكن أن يضم زانية». ذهبت إلى المحكمة ولا أدري كيف استطاع أن يكذب ويقسم بأن خالد ليس ابنه. أقسمت بدوري أنه كاذب وكاذب، وتلقائياً جاء حكم القاضي في مصلحته وطلقني منه. أخذ أولادي الثلاثة مني بذريعة أنه لا يريد لهم أن يعيشوا مع أم خائنة. أنا لست زانية، تحديته وأخبرته بأنني وخالد مستعدان لجميع الفحوصات الطبية بعد أن سمعت عن فحص خاص يسمى الـ «د ن ا». شجعوني على إجرائه لأن نتيجته صحيحة. لكنه رفض. لم أعد أحتمل. نظرات الاتهام ترمقني في كل مكان. حتى أهلي الذين أعيش معهم الآن تنتابهم شكوك، أشعر بأنهم لا يكنون الحب الطبيعي لخالد».
ويسقط نفي نسب خالد عنه حقه في الحصول على نفقة أو إرث من أبيه، ويصبح غير قادر على حمل أي نسب آخر، وتسري على الأم والولد بعض الأحكام التي تربط الولد الشرعي بأبيه فلا تصح مثلاً شهادة أحدهما للآخر ولا يجوز أن يصرف الأب زكاة ماله عليه. كما لا يحق للطفل الزواج من ابنة أبيه الذي تنكر له ونفاه. كأن الفقهاء ورجال القانون يريدون من الإبقاء على هذه المفارقات «حفظ خط الرجعة» والتحسب من احتمال أن يكون الأب كاذباً. وتضيف لمياء: «زوجي تزوج بعد طلاقي فتاة تصغره بعشرين سنة وأنا أعيش الآن فقط من أجل خالد. أريده أن يفخر بي عندما يكبر ويدرك الحقيقة. كلي أمل أنه سيصدقني ولن يلومني كما الآخرين».
عالجت المملكة المغربية في مدونة الأسرة الحديثة ومن قبلها تونس في قانون الأحوال الشخصية هذه المشكلة بألاّ يقتصر نفي نسب الطفل الشرعي على قسم اللعان، بل يمكن الحكم القضائي أن يستند الى الخبرة الطبية الحاسمة، في حين لا يزال القضاء السوري مجبراً على تجاهل ما يمكن أن يقدمه تطور العلم والطب من قرائن وبراهين قاطعة. وتختتم لمياء قصتها بالقول: «أصبر على ما أنا فيه لأنني على ثقة بأن زوجي سينال عقاباً عسيراً في الحياة الآخرة، وبأن الله سيعوضنا، أنا وابني، عن العذاب الذي نعيشه في الحياة الدنيا».