العراق: ثورة نسوية على المجتمع الذكوري سببه "الاضطهاد"
"ثورة على المجتمع الذكوري" عنوان الحملة التي أطلقتها رقية عبد علي منذ أكثر من أربعة أشهر على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إذ تسعى راعية الحملة إلى إنهاء عدد من القوانين والتشريعات المتعلقة بالمرأة في العراق.صورة المرأة كضحية للعنف الذي يمارسه الرجل ضدها، تتكرر في كثير من المجتمعات على اختلاف جذورها الثقافية، إذ باتت مثل هذه الظاهرة واقعاً، تحاول الكثير من المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة تغييره، سواء من خلال الدعوة إلى سن القوانين أو إطلاق حملات التوعية ونشاطات متعددة أخرى. هذا ما دفع طالبة كلية الحقوق رقية عبد علي إلى إنشاء صفحة "ثورة على المجتمع الذكوري" لتأتي بشكل ثوري يدعو إلى نفض غبار "الاضطهاد الذكوري" على المرأة. تقول رقيه عبد علي، في حوار مع DW عربية: "ثورتي قامت ضد الأعراف والتقاليد العشائرية التي جعلت المرأة بمثابة مواطن من الدرجة الثانية"، مبينة أن هذه الأعراف سلبت حقوق المرأة "كحرية اختيار الزوج أو التعليم تحت طائلة الاستبداد الديني (...) وأريد توعية المرأة بحقوقها".
اضطهاد المرأة في المجتمع سبب الحملة
وعن سبب أطلاق حملتها تضيف عبد علي (20 عاماً)، وهي طالبة في كلية الحقوق بجامعة النهرين ببغداد: "يعود سبب إطلاق الحملة إلى تنامي تطبيق الأعراف القبلية ضد النساء، فضلاً عن زيادة حالات العنف ضدهن، بالإضافة إلى تنامي ظاهرة التحرش الجنسي واللفظي بالفتيات، ناهيك عن زواج القاصرات ونظرة المجتمع الدونية للمرأة المطلقة أو الأرملة وغيرها من الأسباب التعليمية أيضاً". وعن خططها المستقبلية توضح الناشطة الحقوقية رقية: "هناك العديد من القوانين التي أسعى إلى تغييرها في المستقبل مثل قانون الخلع في المادة (409) من قانون العقوبات العراقي والمادة (9) من قانون الأحوال الشخصية". وتنص المادة (409) على تبرئة الزوج الجاني الذي يقتل زوجته إذا مارست الجنس مع شخص أخر، تحت ذريعة أن الجريمة تندرج ضمن ما يسمى بـ"غسل العار". فيما تنص المادة (9) على تحول عقد الزواج الذي يتم بالإكراه من باطل إلى صحيح إذا تم الدخول. وعن القوانين التي تسعى رقية إلى حشد الرأي العام لمناهضتها هو عقد الإكراه على الزواج كزواج القاصرات وزواج "الفصلية" أو الثار، الذي يضع المرأة ضحية الصراعات العشائرية كنوع من الدية عند ارتكابه جريمة قتل وتزويجها بأحد أقارب القتيل. كما تطمح رقية إلى تسليط الضوء على ممارسات عنفية أخرى في المجتمع العراقي كإكراهها على الزواج المتماثل أو كما يسميه العراقيون (كصه بكصه) أي تزويج امرأة لرجل مقابل تزويج شقيقته أو ابنته. وسبق لجمهورية العراق الأولى عام 1958 أن ألغت قانون العشائر وقضت على سلطة القبيلة السياسية وحولتها إلى هيئة اجتماعية ريفية يمكن للمرء الرجوع إليها للمشورة. لكن الفراغ السياسي الذي خلقه النظام العراقي السابق، أعاد للعشائر نفوذها، لتعود مثل هذه الممارسات إلى السطح مجدداً.
منبر حر لمعالجة مشاكل المرأة
ولم تذهب فاطمة مجيد، وهي طالبة في كلية الحقوق بجامعة النهرين ببغداد بعيداً عن ما قالته مؤسسة الصفحة، والتي ترى: أن "المرأة العراقية رغم النجاح الواضح الذي حققته في عملها سواء في المجال الإداري أو التربوي أو غيرها من المجالات، إلا أنها لم تستطع الخروج من دائرة اضطهاد المجتمع الذكوري لها". وتقول فاطمة (19 عاماً)، وهي أحد أعضاء صفحة "ثورة على المجتمع الذكوري"، "تعتبر هذه الصفحة بمثابة منبر حر نستطيع من خلاله طرح الأفكار ومناقشتها من أجل التوصل إلى حلول التي من شأنها أن تفعل دور المرأة في المجتمع ومعالجة بعض الظواهر التي تكرس الاضطهاد للمرأة في المجتمع". وتضيف فاطمة في حديثها مع DW عربية: "تعاني المرأة في مجتمعنا الذكوري من شتى أنواع التهميش والحرمان، بسبب الأعراف والتقاليد القبلية الخاطئة التي ورثها مجتمعنا والتي لا تمت للإسلام بأي صلة"، موضحة أن "هذه الأعراف جعلت وظيفة المرأة مقتصرة على المهام المنزلية، وحرمتها من أبسط حقوقها". من جانبه لم يتفق حسين جبار الكعبي، الطالب في كلية اللغات بجامعة بغداد، مع ما قالته فاطمة، إذ يعتقد بأن المرأة العراقية بعد تغيير عام 2003 وبفضل الانفتاح الذي شهده العراق، أخذت مكانتها الكبيرة في المجتمع "من خلال دخولها كمنافس للرجل في سوق العمل وكذلك في إدارة شؤون الدولة والتعليم".
لا يقتصر العنف على المرأة؟
ويقول الكعبي (22 عاماً) في حديث مع DW عربية: "من الخاطئ أن تتظاهر المرأة بتعرضها للظلم في مجتمع يعطي لها مكانة بقدر نصف المجتمع كالمجتمع العراقي"، ويكمل مستطرداً: "لا يقتصر العنف والظلم على المرأة فقط، فهناك العديد من الرجال المعنفين والمضطهدين أيضاً من قبل زوجاتهم في العراق". ويشير الكعبي إلى أن "الكثير من المنظمات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة تتحدث عن حرية مفرطة للمرأة وليس ضمن حدود معقولة وهذا ما لا يتناسب مع طبيعة مجتمعنا العربي وشريعتنا الإسلامية". ولاقت صفحة رقية إعجاب العديد من النساء والفتيات من داخل العراق وخارجه حتى وصل عدد أعضائها إلى نحو 12 ألاف عضو، غالبيتهن ناشطات في مجال حقوق الإنسان. يُذكر أن إحصاءات غير رسمية تشير إلى أن نسبة الإناث في العراق تزيد على 50 بالمائة من مجموع سكان العراق.