رجال الدين مدعوون الى "كسر حاجز الخوف": نصف مليون عربي مصابون بالايدز، والرحمة "برنامج" بدلاً من العار

Source: 
الحياة
المهمة الجديدة التي قررت الحكومة السورية والامم المتحدة ايلاءها الى رجال الدين، هي كسر "جدار الخوف" في المجتمع، باعتبار ان المشكلة المستعصية لا تزال في مرحلة "الصمت المخملي"، وان الظاهر من "جبل الجليد" لا يعدو كونه بعضاً من فيض "التحدي الخطر" الواجب القضاء عليه عام 2015.
فبعد قبول وزارة الأوقاف السورية الانخراط في ورشة عمل مع "البرنامج الانمائي للامم المتحدة" لتدريب رجال الدين على "تجديد الخطاب ومحاربة التعصب الديني"، أوكلت اليهم مهمة اكثر تعقيداً بسبب حساسية اجتماعية علنية.

المطلوب ليس سياسياً، لكن التعقيد يأتي من كون المشكلة تمس خبايا المجتمع المحافظ، المضطر للتعامل مع قضية علنية بما تتضمنه من "صور نمطية" لأي مصاب بالايدز، او فقدان المناعة المكتسبة. لذلك نظمت في دمشق ورشة عمل لتدريب القادة الدينيين، مسلمين ومسيحيين على محاربة الايدز، في حضور 60 منهم من المشرق العربي، وبعض "الشجعان من المصابين" بالمرض، استناداً الى الوثيقة الشهيرة التي وقعها نهاية العام الماضي 80 رجل دين، ونصت على ضرورة "كسر حاجز الصمت على منابر المساجد والكنائس والمؤسسات التعليمية، حول كيفية مواجهة الايدز بمبادئنا الدينية الاصيلة وابداعنا المتسلح بالعلم، لابتكار طرق جديدة للتعامل مع هذا التحدي الخطر"

وتفيد احصاءات "البرنامج الانمائي" ان هناك 540 الف عربي "متعايش" مع المرض، من "حاملي" الفيروس، وان العام الماضي شهد 92 الف اصابة، وان 28 الف شخص قضوا بهذا المرض (حوالي 70 مليون مصاب في العالم).

الدكتور ايهاب خراط احد مسؤولي البرنامج قال ان 70 في المئة من المصابين انتقل اليهم الفيروس من الممارسة الجنسية الطبيعية، و10 في المئة من المثلية الجنسية و10 في المئة بسبب المخدرات، ونحو خمسة في المئة انتقل اليهم من الام الى الجنين. لكن وثيقة رجال الدين استخدمت لغة مختلفة، اذ شددت على "العفة والاخلاص" لمعالجة هذه "الآفة الناتجة من المتاجرين بالجنس" والشذوذ و"باقي العادات الضارة"

ولا تقتصر المشكلة في العالم العربي على كيفية معالجة المرض، ولا على اقناع الناس بأنها مشكلة "تنموية وليست صحية فقط"، بل ان التعقيد يتأتى من صعوبة معرفة حقيقة المصابين العرب، لذلك فالحديث عن عدد المصابين او حاملي الفيروس بعد عبورهم "الصمت المخملي" لبضعة اسابيع، لا يعدو كونه تقديرياً.

ويفيد خبراء ان الدول العربية التي تضم "اكثر المصابين" هي السودان وموريتانيا وجيبوتي. وللدقة اكثر، تعتبر هذه الدول «الاكثر تبليغاً عن المصابين لديها، باعتبار ان دولاً كثيرة تستحي من الكلام على الموضوع"

ومثلما يختلف مدى الاباحة من دولة الى اخرى، يتباين سبب الاصابة. ويقول خراط: "90 في المئة من مرضى ليبيا اصيبوا بسبب الحقن بالمخدرات، بينما يعتبر الختان الجماعي السبب الرئيس للاصابة في السودان". وينبه مسؤول برنامج مكافحة الايدز في سورية محمد شريتح الى ان معظم الـ400 مريض في سورية، اصيب بسبب "ممارسة الجنس في الخارج".

امام كل هذه التعقيدات والحسابات، لم يجد خبراء الامم المتحدة مفراً من اللجوء الى رجال الدين لتقديم "خطاب قبول واحترام ورحمة"، لئلا يكون الخطاب "عقابيا" او مستنداً الى "الوصم بالعار".