قطر: أحمد عبد الملك يطالب بمنع المنقبات من الظهور في وسائل الاعلام
طالب كاتب وإعلامي قطري المنقبات بعدم الظهور في وسائل الاعلام لأن ظهورهن وهن يرتدين النقاب يخالف أصول وحتميات العمل الإعلامي الذي يتطلب وضوح الصوت وأن يرى المتلقي عين من يخاطبه وتعابير وجهه. وحث أحمد عبد الملك المنقبات بعدم "جرح" نقابهن من أجل مقابلة تلفزيونية، وعدم نشر صورهن لأنها تفتقد الدلالة الحقيقية على صاحبة الصورة. واعتبر عبد الملك في مقال بعنوان "النقاب والشاشة... رؤية مهنية!" نشرته صحيفة "الاتحاد" الاماراتية، ظهور المنقبات على شاشات التلفزيون "مخالف لقواعد الإعلام وعلوم الاتصال"، مقترحا على المنقبات إرسال نص مكتوب يوضح وجهة نظرهن بدلا من الظهور بتلك الصورة.
وقال عبد الملك "التلفزيون أداة عرض. وعرض الأشياء يجب أن يتم بكل وضوح ودقة. كما أن الإعلام لا يمكن أن "يشوش" المشاهدين بمشاهد لا يفهمونها أو كلمات غير واضحة، كوننا في حياتنا العامة نفهم الكلام المنطوق من حركة الشفاه إن كان الصوت ضعيفاً. كما أن النقاب -من الناحية التقنية- يحول دون وصول صوت المتحدثة المنقبة واضحاً، لأنه يغير الترددات التي يستقبلها جهاز الالتقاط في التلفزيون أو الإذاعة. ونحن نعلم أن المايكروفون يقوم بتحويل الترددات أو الاهتزازات التي تصله إلى كلمات".
وأوضح عبد الملك أن المنقبة تؤمن أن وجهها عورة ولذلك لا تريد كشفه أمام الجمهور ولكنه استدرك قائلا "إن الصوت أيضا عورة" متسائلا "كيف تتنازل المنقبة عن تلك العورة وتتمسك فقط بالنقاب الذي لا يوصل رسالتها كاملة أو واضحة لجمهور المشاهدين؟".
وأكد عبد الملك مرارا على أنه ليس ضد النقاب وأنه يؤمن بأن النقاب حرية شخصية وأنه يتناول الموضوع من ناحية مهنية بحتة. وقال "ومرة أخرى، للتوضيح، فأنا هنا أنطلق من منطلق إعلامي اتصالي وليس اجتماعيّاً دينيّاً. ولا أعارض لبس النقاب. لكن قناعتي بأن النقاب ساتر، والتي تريد الستر، وتتغطى عن الناس في عموم الحياة، لا ينبغي أن تسمح لنفسها بالظهور في التلفزيون بتلك الصورة!".
وفيما يلي نص المقال:
ليست بيني وبين النقاب أية مشكلة، وأعترف بحق كل إنسان في ممارسة حريته بأي شكل من الأشكال. كما أنني لا أنطلق هنا من منطلقات دينية، أوحتى ليبرالية -كما يحلو للبعض أن يتشدق بذلك- بل أنطلق من منطلقات إعلامية مهنية، لا غير.
إننا نشاهد في التلفزيون بعض الأخوات المنقبات اللاتي يتحدثن عن مجال عملهن أو نشاطاتهن، وهذا مخالف لقواعد الإعلام وعلوم الاتصال.
فالتلفزيون أداة عرض. وعرض الأشياء يجب أن يتم بكل وضوح ودقة. كما أن الإعلام لا يمكن أن "يشوش" المشاهدين بمشاهد لا يفهمونها أو كلمات غير واضحة، كوننا في حياتنا العامة نفهم الكلام المنطوق من حركة الشفاه إن كان الصوت ضعيفاً. كما أن النقاب -من الناحية التقنية- يحول دون وصول صوت المتحدثة المنقبة واضحاً، لأنه يغير الترددات التي يستقبلها جهاز الالتقاط في التلفزيون أو الإذاعة. ونحن نعلم أن المايكروفون يقوم بتحويل الترددات أو الاهتزازات التي تصله إلى كلمات.
نحن هنا أمام مشكلة. فالمنقبة لا تريد أن يظهر وجهها للناس! ونحن ندرك أن الصوت عورة أيضاً! فكيف تتنازل المنقبة عن تلك العورة وتتمسك فقط بالنقاب الذي لا يوصل رسالتها كاملة أو واضحة لجمهور المشاهدين؟ وهذا يذكرني أيضاً ببعض المحاضرات اللاتي يقدمن أوراق عمل في منتديات أو ندوات فلا يصعدن إلى المنصة إلا بعد خروج المصورين من القاعة! وهذا يسبب إحراجاً كبيراً للمنظمين وللإعلام. ذلك أن الإعلام ينقل بصدق ما يحدث في مكان الحدث. وإن أهمل أو تجاوز أية فقرة في الحدث فإنه سيُلام من الناحية الموضوعية!
إن المرأة التي لا تريد أن تنشر صورتها عليها تجنب الأماكن التي فيها تصوير. وإذا كانت المُحاضرة تصعد المنصة وتقدم ورقة أمام جمهور يزيد على المئة شخص، فأين المشكلة لو شاهدها مليون أو مليونان وهم بعيدون عنها؟! والأغرب من ذلك أن تقوم مسؤولة حكومية بالتصريح عن موضوع يخص المؤسسة التي تعمل بها وتسمح بنشر صورة لها وهي منقبة! أي أن القارئ لا يرى منها إلا العينين! وهذا أيضاً يخالف أصول الإعلام! ولئن كانت الأخت محافظة وملتزمة فإنه يجب ألا تسمح بنشر صورة لها. لأن الصورة بالحجاب فاقدة للدلالة، ويمكن وضع أي صورة لأي منقبة محل أخرى.
نقول إن القضية هي قضية حرية، نعم! ولكل إنسان أن يختار ما يريد عمله أو يقتنع به. ولكن العمل الإعلامي عمل قائم على أصول وتقنيات وحتميات. لقد شاهدنا مذيعات محجبات وهن على قدر كبير من التأهيل. ولكن هل يجوز أن ترتدي مذيعة مؤهلة نقاباً في يوم من الأيام وتسمح لها المحطة بذلك؟!
إن الاتصال التقني يقوم على عدة أمور لعل أهمها اتصال العين، وتعابير الوجه، ووضوح الصوت. وإذا ما اختل هذه النظام اختل الاتصال. فما لم يشاهد المشاهد نقطة التقاء عينه بعين المذيعة أو المتحدثة فقد الاتصال. وما لم يشاهد المشاهد تعابير وجه المتحدثة فقد الاتصال. وما لم يسمع المشاهد صوت المتحدث غير مشوش فقد الاتصال. وبالتالي فإن بث مادة كهذه يعتبر مضيعة للوقت والجهد، ويمكن للمشاهد أن يتحول إلى محطة أخرى لأنه لا يفهم ماذا تقوله تلك المنقبة.
حدثني زميل عن قصة له مع إحدى المنقبات في مستشفى الطوارئ، حيث ألمَّ به عارض وقرر الطبيب أن يأخذ حقنة في العضل. وجاءت الممرضة المنقبة -التي لا تحمل اسمها على صدرها- لتعطيه الحقنة، فرفض ذاك الزميل بدعوى أنه لابد أن يشاهد وجهها كي يتعرف عليها فيما لو حصل بعض المضاعفات جراء أخذه الحقنة؛ ولما رفضت المنقبة ذلك رفض الزميل الحقنة وجيء برجل كي يعطيه الحقنة. وهذه أيضاً قضية من القضايا الإنسانية التي تحتاج إلى بحث. فالطفل قد يتردد في قبول المنقبة وقد يخاف منها. وقد قمنا بتجربة ذلك على (البتولة) التي هي أخف من النقاب. كما أن المريض في المستشفى يحتاج لأن يرى ابتسامة الممرضة المشرقة وكلماتها المشجعة وبشاشتها، والمنقبة لا توفر للمريض تلك الحاجة المهمة التي تساعده على الشفاء.
أقول إن الإعلام، خصوصاً التلفزيون، يعتمد على أساسيات محددة، وبدونها لا يمكن أن تنجح رسالته أو تصل إلى المتلقين. وفي رأيي أن المرأة المنقبة تنطلق أساساً انطلاقة قيمية دينية في لبسها للنقاب، وبالتالي، فمن الأفضل لها عدم التعرض لوسائل الإعلام، وعدم "جرح" نقابها من أجل مقابلة تلفزيونية، أو نشر صورة لها في الصحيفة أو المجلة وهي تفتقد الدلالة الحقيقية على صاحبة الصورة.
ومرة أخرى، للتوضيح، فأنا هنا أنطلق من منطلق إعلامي اتصالي وليس اجتماعيّاً دينيّاً. ولا أعارض لبس النقاب. لكن قناعتي بأن النقاب ساتر، والتي تريد الستر، وتتغطى عن الناس في عموم الحياة، لا ينبغي أن تسمح لنفسها بالظهور في التلفزيون بتلك الصورة!
إننا -كإعلاميين- ندرك عامل الشهرة في هذه القضية، وحب الذات، وحق الإنسان في التطور الوظيفي أو شرح ملابسات قضية معينة تختص بعمله، ولكن كما أسلفنا، للتلفزيون حتميات وضرورات، وهي تتناقض مع النقاب. فإما أن تمتنع المنقبة عن الحضور للمقابلة أو تكتفي بإرسال نص مكتوب يوضح موضوعها الذي تريد إيصاله للناس.
تاريخ النشر :19/11/2010 3:51 PM