المبادرة المصرية تعرب عن صدمتها ازاء استمرار احتجاز يارا سلام و ٢٢ أخرين
أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم عن صدمتها إزاء قرار محكمة جنح مصر الجديدة باستمرار حبس يارا سلام، مسؤول ملف العدالة الانتقالية بالمبادرة المصرية و22 آخرين في القضية المرتبطة بمظاهرة سلمية خرجت يوم السبت الماضي 21 يونيو في حي مصر الجديدة وتعرضت للتفريق على يد قوات شرطة ساعدها أشخاص يرتدون ملابس مدنية.
وترك القاضي ومساعديه الإداريين مقر المحكمة، المنعقدة في معهد أمناء الشرطة التابع لوزارة الداخلية، دون إخبار المحاميين وأسر المتهمين بالقرار. وقال أحد أفراد الأمن بالمعهد ان الجلسة القادمة ستنعقد يوم 13سبتمبر وهو ما أكده لاحقا موقع جريدة الأهرام ومصادر اخرى. الا انه لا يمكن الـتأكد من الموعد بشكل رسمي حتى زيارة المحامين للمحكمة صباح الغد، مما يترك أسر المتهمين وزملاءهم الليلة في قلق بالغ وحتى تأكيد الموعد.
وتعتقد المبادرة المصرية إن القبض على يارا وأحالتها للمحكمة مبني على تهم واهية وأن الطريقة التي اديرت بها القضية حتى الآن يثير شكوكا قوية في سلامة إجراءات وعدالة المحاكمة. وقد طلب المحامون من القاضي اليوم الإطلاع على أدلة الاتهام بما في ذلك المواد المصورة. ورفض القاضي طلب المحامين إخلاء سبيل المتهمين، وهو ما ترى المبادرة المصرية أنه بمثابة إجراء عقابي في حق المتهمين حيث لا يوجد في ملف القضية ما يبرر مد الحبس الاحتياطي فترة تصل إلى ما يقرب من ثلاثة أشهر.
وكانت النيابة العامة قد أصدرت قراراً سريعاً بإحالة يارا والآخرين بعد أربعة أيام من القبض عليهم إلى المحاكمة بتهمة الاشتراك في مظاهرة بدون تصريح مما عرض الأمن العام للخطر على حد زعم النيابة. وتضمنت قائمة الاتهام أيضا تخريب ممتلكات عامة و استعراض القوة بقصد ترويع المواطنين و تهديد سلامتهم، والاشتراك في تجمع به أكثر من 5 أشخاص بقصد تهديد السلم العام.
وتعتقد المبادرة ان المتهمين الثلاثة والعشرين (وهم طفل و ١٥ رجلا وسبع نساء) كلهم محتجزون ويخضعون للمحاكمة بسبب ممارستهم لحقهم في التعبير و التجمع السلمي في بعض الحالات أو تم القبض عليهم عشوائياً بالقرب من المظاهرة بعد تفريقها في حالات أخرى. و كانت المبادرة قد طالبت الحكومة مراراً بإلغاء أو تعديل قانون التظاهر (قانون رقم 107 لعام 2013) بالإضافة لتشريعات أخرى تفرض قيوداً على الحق في التجمع و تؤدي فعليا الى حظر التعبير الجماعي عن المعارضة السياسية. و قد تم تجاهل كل هذه المطالبات حتى الآن.
وتشعر المبادرة المصرية بالقلق العميق إزاء غياب أدلة ذات مصداقية و إزاء التضارب في محضر الشرطة. فعلى سبيل المثال، يدعي محضر الشرطة أن المتظاهرين قاموا باتلاف سيارة تابعة للشرطة في تمام الساعة التاسعة و النصف مساءً يوم الحادي و العشرون من شهر يونيو بينما كانت يارا و الآخرين مقبوض عليهم بالفعل في هذا الوقت. وتعتمد قضية الإدعاء التي تتهم المتظاهرين بالعنف على تقارير من جهاز الأمن الوطني و المباحث الجنائية بالإضافة إلى شهادة بعض الشهود من ضباط الشرطة. ولم يتم تقديم أي أسلحة أو أحراز أخرى لإثبات إدعاء اتلاف الممتلكات أو استخدام القوة.
ومنذ القبض على يارا و باقي المتهمين في الحادي و العشرين من يونيو، عكست اجراءات متعددة غياب الشفافية و انعدام الاحترام لحقوق المتهمين في الاجراءات القانونية الواجبة. فقد منعت السلطات المتهمين من الاتصال بمحاميهم و أسرهم عقب القاء القبض عليهم مباشرة كما لم تلتزم السلطات دائما بتقديم المعلومات الضرورية بخصوص أماكن تواجد المتهمين اثناء الايام القليلة الماضية. وانعقدت محكمة مصر الجديدة في معهد أمناء الشرطة بطرة بدلاً من مقرها الطبيعي بمصر الجديدة دون تنبيه المحامين أو أسر المتهمين الذين اكتشفوا مكان المحاكمة من أفراد الأمن في مقر المحكمة في مصر الجديدة و أسرعوا للحاق بالمحاكمة.
وتتخوف المبادرة المصرية من أن يكون السبب في احتجاز يارا هو عملها في مجال حقوق الانسان حيث تم اخلاء سبيل ابن خالتها الذي كان معها وقت القبض عليها دون أن توجه له أي اتهامات رسمية في نفس يوم الاعتقال. ويدعم الاستجواب الذي تعرضت له يارا في قسم مصر الجديدة هذه المخاوف حيث تم سؤالها عن عملها في حقوق الانسان و ادارة المبادرة المصرية تفصيليا.
وتمثل سرعة احالة المتهمين و الصعوبات اللوجيستية التي واجهت المحامين في الحصول على ملف القضية و المعلومات اللازمة عنها و أماكن اعتقال المتهمين انتهاكا لحقوق المتهمين في ان يتوفر وقت مناسب لاعداد دفاعهم القانوني. كان من المتوقع أن يظهر المتهمين في محكمة مصر الجديدة في الخامس و العشرين من يونيو بعد انتهاء فترة الحبس التي قررتها النيابة لمدة أربعة أيام، و لكن السلطات لم تنقل المتهمين للمحكمة و تمت احالتهم للمحكمة بدلا من ذلك دون أن تتسنى لهم فرصة الدفاع ضد حبسهم الاحتياطي امام سلطة قضائية مستقلة.
وتعتقد المبادرة المصرية ان الطريقة التي تُدار بها هذه القضية يثير الشكوك حول ما إذا كان المتهمون سيواجهون محاكمة عادلة عبر اجراءات قانونية سليمة تستلزم ان يتم فحص كل الادلة المقدمة ضد او في صالح المتهمين بحيادية والسماح باستجواب وسؤال شهود الادعاء وسماع شهود الدفاع.