ايران:أين تحل النساء في الحكومة الإيرانية القادمة؟

المصدر: 
وكالة أخبار المرأة

في السباقات الانتخابية الأخيرة أصبح موضوع النساء أحد المحاور الرئيسة والمؤثرة في البرامج الانتخابية من أجل حصول المرشحين في الانتخابات الرئاسية على الأصوات. هذا الموضوع يبدو اليوم بحيث أصبحت آراء أو تصرفات المرشحين في السابق أو بصورة خاصة خلال أيام الانتخابات، تولد أمواج تجاذب أو تنافر بينهم وبين الطبقات الاجتماعية المختلفة من الشعب، وبصورة خاصة النساء.في الجولة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية الإيرانية كان موضوع «النساء» ضمن إطار مواضيع أخرى، مثل المواضيع المتعلقة بالمعيشة، الاقتصاد، السياسة الداخلية والخارجية، ويشمل ذلك موضوع البرنامج النووي والحصار، لكن رغم ذلك جرى طرح بعض الآراء حول هذا الموضوع ولو بصورة مختصرة خلال المناظرات أو الخطابات التي بثت، وهي آراء تستحق الدراسة.الآن وقد انتهت الانتخابات بفوز السيد حسن روحاني مرشح ائتلاف الإصلاحيين والمطالبين بالوسطية، تعد هذه فرصة جيدة لنلقي نظرة على وعود السيد روحاني فيما يتعلق بالنساء، ولكي نقوم بمقارنة شاملة للمطالب النسائية قبل الانتخابات وبعدها بأيام، وذلك سيمكننا في المستقبل من أن نقيس ونقيّم مدى التزام السيد الروحاني بالمحاور التي اعلن عنها خلال أيام الانتخابات.

إن عددا من المحاور الأساسية لنظرة روحاني حول موضوع النساء التي جرى طرحها في مناسبات مختلفة، والتي تشمل تجديد النظر في فقه النساء والنساء، ودعم البنية العائلية والإشارة إلى عدم التوافق بين لائحة دعم العائلة الحالية مع حقوق النساء، وإطلاق وعد بإصدار مشاريع قوانين خاصة بدعم النساء من أجل عرضها على مجلس الشعب للتصويت، وتعزيز مكانة المرأة والنظرة العادلة إلى الإمكانات العلمية الدراسية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وعمل النساء، وفي النهاية إقامة وزارة تهتم بشؤون المرأة.تصريحات حسن روحاني في مؤتمر النساء الذي أقيم في قاعة آدينه في طهران حول مطالب النساء في المجتمع الحالي تعكس رأيه حول هذا الموضوع بصورة كاملة. تصريحات جاء فيها إطلاق وعد بإنهاء التمييز العنصري في المجالات المختلفة، منها الإدارة، وحديثه عن التأمين وتحسين المستوى المعيشي للنساء، وقال بصراحة: «إننا لا نقبل بالتمييز العنصري للنساء. إن جنس الفرد لا يمكن أن يكون مقياسا صحيحا لتكليفه بمسؤوليات في المجتمع».في المناظرة الثانية بين المرشحين، ذكر السيد روحاني خلال تحدثه إلى جمهور المواطنين ملخصا لهذه التصريحات، وشدد على منح النساء والرجال فرصا متساوية في المجتمع، وطرح خدمات التأمين للنساء اللاتي تعرضن لأذى. وأضاف: «لقد خططنا في حكومة التدبير والأمل لتشكيل وزارة شؤون النساء لكي نعيد للنساء حقوقهن المغتصبة».

بالطبع لا يمكن الادعاء بإعادة حقوق النساء المغتصبة بمجرد تشكيل وزارة تهتم بشؤون النساء من دون اتجاه للقضاء على التمييز العنصري في جميع الدوائر والمؤسسات والوزارات، وتخصيص حصة معينة للنساء في المستويات الإدارية المختلفة.منذ سنوات يرفض المسؤولون مطالبات النساء بالمشاركة في المستويات الإدارية الرفيعة بحجة عدم قطع المسار التدريجي للارتقاء الوظيفي، وكأن الرجال قد عبروا كل هذا المسار التدريجي لكي يصلوا إلى المناصب الرفيعة المستوى، وإن هذا الموضوع مطروح منذ سنوات في المناسبات المختلفة تحت عنوان «أحد المطالب البديهية للنساء».ورغم أننا كنا نتوقع في المقابلة الأولى لحسن روحاني مع الصحافيين في 17 يونيو (حزيران) الحالي أن يسأل صحافي واحد على الأقل، رئيس الجمهورية المنتخب عن وجهة نظر الحكومة وخطتها فيما يخص موضوع النساء وبدقة، باعتبار أن الصحافيين هم وكلاء أفكار الشعب، وأن يسأل ما هي الخطة الأساسية لحكومة التدبير والأمل في القضاء على التمييز العنصري بين الرجال والنساء، ولكن في هذه المقابلة طرحت أسئلة عن كل شيء إلا عن موضوع النساء، ولم يحدث ذلك قط، وبقيت أعين النساء معلقة على شاشة التلفزيون. ولكن في خبر رئيس نشره موقع يختص بشؤون النساء (وإن لم ينشر عبر التلفزيون الرسمي) ذكر أن السيد روحاني قال في نهاية هذه المقابلة، خلال جوابه لمراسل محطة «مهرخانه» فيما يتعلق بخطط حكومة التدبير والأمل من أجل منزلة النساء وكما جاء في الشعارات الانتخابية: «لدينا خطة للنساء تتكون من سبع مراحل وسنعلن عنها».

لم ينشر أي خبر آخر حول هذا الموضوع في أي مكان آخر غير هذه الجملة التي ذكرت في العنوان الرئيسي لـ«مهرخانه».على عكس اختلاف وجهات نظر النساء في المواضيع السياسية والعقائدية، وعلى عكس اختلاف رؤيتهن، فقد كان للنساء موقف موحد فيما يخص أغلب المواضيع التي تتعلق بشؤون المرأة، وما يزلن كذلك. إن الاجتماعات النسائية التي أقيمت قبل الانتخابات من جهة، ووجهة النظر التي أعلنت بعد ذلك، تؤيد هذا الموضوع.على سبيل المثال، في اجتماع الفكر المشترك حول أهم مطالب النساء وأولوياتهن، الذي أقيم في عصر يوم الثلاثاء الحادي عشر من شهر يونيو في طهران، ومشاركة طيف واسع من الناشطين المدنيين والحركات النسائية، جرى طرح بعض مطالب النساء بالصورة التالية: الموافقة الرسمية على حق تشكيل المجاميع المستقلة من أجل تعزيز المجتمع المدني النسائي، والمشاركة في أركان السلطة بحصة مخصصة للنساء من أجل المشاركة في المناصب الإدارية المتوسطة والرفيعة المستوى، ومجلس المحافظة ومجلس الشعب وغيرهما من المجالس، والمطالبة بإيجاد وسائل إعلام مستقلة خاصة بالنساء، ومنح وسائل الإعلام هذه الحرية لطرح المطالب وحل المشاكل الأمنية التي تعاني منها الصحافيات، وغيرها من المطالب.

كذلك خلال الأيام القليلة الماضية، نقلت بعض المجاميع النسائية وجهات نظرها إلى السيد حسن روحاني بصورة رسالة، فقد طلبت مجموعة جامعة زينب اليمينية في رسالة وجهتها إلى السيد روحاني أن تعيّن النساء المثقفات في مناصب حكومية رفيعة المستوى، وفي الوقت نفسه طلبت مجموعتان نسائيتان إصلاحيتان (يساريتان) من السيد روحاني في رسالة أن يقوم بعدة أمور، منها تنفيذ الفقرات الدستورية غير المفعلة، وتوظيف النساء في المستويات الإدارية وتعزيز مكانة المرأة.بالنظر إلى التجارب التي تمتلكها النساء من الحكومات السابقة، وعلمهن بأن مطالبهن في القضاء على العنصرية والحصول على فرص متساوية، والمشاركة في مصادر السلطة، يجري رفضها دائما من قبل الرجال اليمينيين واليساريين على حد سواء بحجج مختلفة، منها أولوية المسائل الأكثر أهمية، ويجري نسيانها، فمن الضروري أن يطالبن وبصورة أكثر جدية «حكومة التدبير والأمل» التي وعدت بتشكيل حكومة على أساس الاستحقاق، بتحقيق مطالبهن، ليعلموا مدى الاهتمام الذي ستوليه هذه الحكومة لاستحقاقهن، ليعلموا هل سيحل مفتاح السيد روحاني مشاكلهن أم ستبقى هنالك أبواب مقفلة في وجه النساء؟