مصر:محمد سلماوي:التحرش.. والعيون «الملعب»
من علامات الظلم الاجتماعى الذى استشرى بعد تولى الرئيس محمد مرسى حكم البلاد ذلك الاضطهاد الذى يتعرض له الرجال بسبب ما يسمى التحرش، فها هى الأصوات تتعالى كل يوم مطالبة بتشديد العقوبة على جنس الرجال حتى لو كانوا صبية صغاراً، تاركين النساء بلا عقاب، بينما النساء هم السبب الحقيقى للتحرش، والمحرض الأصلى عليه، وفى معظم الأحيان الداعى صراحة له، لكن من يقول هذا الكلام؟
لقد شاهدت رجلاً شجاعاً على إحدى القنوات الفضائية يضع النقاط فوق الحروف فى هذا الموضوع بلا لف ولا دوران، هو أحد شيوخ الفضائيات الأجلاء الذين يقع عليهم الآن مسؤولية إصلاح المجتمع والعمل على محاسبة من يخرجون على التعاليم، فى وقت لا قانون فيه، والدستور مازال يعانى من تعسر الولادة، فالجمعية الدستورية مازالت «تحزق» والداية التى بيدها الخلاص لا تريد أن تمد يدها وكأنها تتلذذ من منظر الجمعية المسكينة وهى تتلوى يميناً ويساراً، والجنين لا يريد أن «يتزفلط» خارجاً من بطنها، بينما نحن وقوف خارج الباب نسمع بين الحين والحين صرخات الأم الملتاعة.
هذا الشيخ قام مقام القانون والدستور معاً، حيث قال قولاً واحداً هو القول الفصل فى هذا الموضوع، وهو أن المرأة هى المعيبة فى قضية التحرش حتى لو كانت محتشمة الملبس أو متحجبة أو منتقبة لأنها رغم ذلك المظهر الخارجى الزائف فإن عينيها «بتلعب» على حد قول الشيخ الجليل ذى اللحية البيضاء التى تتفوق على لحية حازم أبوإسماعيل وياسر برهامى معاً، فعيناها تنظر ذات اليمين وذات اليسار، باحثة عمن يتحرش بها إلى أن تقع عيناها عليه من خلف النقاب أو من تحت الحجاب أو من بين ثنايا الخمار لتقول له دون كلام «نحن هنا» ـ على حد قول شيخ القناة الفضائية الجليل ـ فيرسل هو لها «بوسة» ثم تبدأ بعد ذلك عملية التحرش فى مشهد يدفع كل من يسمعه إلى الرغبة فى الركوب فوراً فى أى أتوبيس أو عربة مترو ليستمتع بتلك المقدمة المثيرة لنوعية المشاهد التى لا يشاهدها صنف الرجال الغلابة إلا على القنوات المشفرة.
ولا أريد أن يتصور أحد أن شيخنا الجليل يتجنى على النساء بنظرية العيون «الملعب» هذه، حاشا لله، فهو يعترف بأن هناك نساء صالحات أعينهن لا «تلعب»، وقد وجه حديثه إليهن أيضاً قائلاً: ربما سلط الله عليك المتحرش لأنك خرجت بلا حاجة! وقد صدق الشيخ، فالنساء نوعان، النوع الأول عيونهن «بتلعب» والنوع الثانى يخرجن من بيوتهن بلا حاجة، فلا توفى والدهن مثلا فخرجوا ليلقوا عليه نظرة الوداع قبل أن يواريه التراب، ولا قيل لهن إن طفلاً من أطفالهن دهسته سيارة أثناء خروجه من المدرسة فهرعن إلى مشرحة الموتى المسماة قصر العينى، وإنما خرجن هكذا فقط «بلا حاجة»، والقانون قد لا يعاقب على ذلك لكن الدين لا يقر مثل هذا الخروج، ولا أى خروج آخر للمرأة. أما الرجال الذين تتعالى الآن الأصوات الغوغائية المطالبة بعقابهم فهم وفق هذا الشرح المبين الذى نشكر عليه شيخنا الجليل ذا اللحية الطويلة، فهم إما أن يستجيبوا لدعوة صريحة وجهت لهم من ذوات العيون «الملعب»، فلا جناح عليهم، أو أنهم وسيلة الرب فى عقاب من يخرجن من بيوتهن دون أن يكون والدهن قد مات أو طفلهن دهسته عربية، فما ذنب من سخره الرب لتوقيع العقاب أو من كان فريسة للعيون «الملعب»؟!
إن الرجل مظلوم فى جميع الأحوال حيث ثبت، حسب ما شرحه لنا الشيخ الجليل لا فض فوه، أن ملبس المرأة لا علاقة له بظاهرة التحرش وأننا يجب ألا ننخدع بحجاب أو نقاب وخمار أو إسدال أو عفريت أزرق، فالمدان فى جميع أحوال التحرش وفى أحوال أخرى كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها، هو المرأة، وعليها هى يجب أن يقع العقاب.